فصل: (سورة هود: الآيات 114- 115)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة هود: آية 111]

{وَإِنَّ كُلًا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)}

.الإعراب:

(الواو) استئنافيّة (إنّ) حرف مشبه بالفعل- ناسخ- (كلّا) اسم إنّ منصوب (لمّا) حرف نفي وجزم وقلب حذف فعله المجزوم به، والتقدير لمّا يوفوا أعمالهم، (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (يوفّينّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ رفع و(النون) نون التوكيد و(هم) ضمير في محلّ نصب مفعول به (ربّك) فاعل مرفوع.. و(الكاف) مضاف إليه (أعمالهم) مفعول به ثان منصوب.. و(هم) مضاف إليه (إنّه) مثل الأول مع اسمه (الباء) حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ (يعملون) مضارع مرفوع..
والواو فاعل (خبير) خبر إنّ مرفوع.
والمصدر المؤوّل (ما يعملون) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ (خبير).
جملة: {إنّ كلّا لمّا..} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: لمّا يوفوا أعمالهم في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {يوفّينّهم ربّك...} لا محلّ لها جواب القسم المقدّر..
وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {إنّه... خبير} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {يعملون} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما).

.الفوائد:

أسرار القرآن الكريم:
حار علماء النحو واللغة في إعراب قوله تعالى في هذه الآية وهو: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} ولم يصلوا إلى رأي قاطع، وهذا وإن دلّ على شيء فإنما يدل على عظمة كلام اللّه عز وجل وأن عقول البشر مهما بلغت لا تستطيع أن تدرك أسراره ومعانيه إدراكا تاما، فكلام اللّه عز وجل فوق البشر وفوق عقولهم وتصوراتهم، ومن ناحية أخرى فكلام اللّه أكبر من أن تتسع له قواعد اللغة وعقول النحاة، فهو فيض عظيم لا يمكن أن ينحصر في قوالب النحاة، ويأتي على قياس القواعد، فهو الأصل، وهو النبع، وهو الفيض، وما سواه ضحل قاصر لا يبلغ قطرة من بحره، ولا زهرة من جنانه وقصارى القول: إنه كلام اللّه.

.[سورة هود: الآيات 112- 113]

{فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (113)}

.الإعراب:

(الفاء) استئنافيّة (استقم) فعل أمر، والفاعل أنت (الكاف) حرف جر، (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول مطلق (أمرت) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على السكون..
و(التاء) نائب الفاعل، والعائد محذوف أي أمرتها (الواو) عاطفة (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع معطوف على فاعل استقم (تاب) فعل ماض، والفاعل هو وهو العائد (معك) ظرف منصوب متعلق بـ (تاب) و(الكاف) مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تطغوا) مضارع مجزوم، وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (إنّه بما تعملون بصير) مثل إنّه... خبير.
جملة: {استقم...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {أمرت} لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: {تاب...} لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: {لا تطغوا...} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: {إنّه... بصير} لا محل لها تعليليّة.
وجملة: {تعملون} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما).
(الواو) عاطفة (لا تركنوا) مثل لا تطغوا (إلى) حرف جرّ (الذين) موصول في محلّ جرّ متعلّق بـ (تركنوا)، (ظلموا) فعل ماض وفاعله (الفاء) فاء السببيّة (تمسّ) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء و(كم) ضمير مفعول به (النار) فاعل مرفوع.
والمصدر المؤوّل (أن تمسّكم..) في محلّ رفع معطوف على مصدر متصيّد من الكلام المتقدّم أي: لا يكن منكم ركون إلى الذين ظلموا فمسّ النار لكم.
(الواو) واو الحال (ما) نافية (اللام) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلق بخبر مقدّم (من دون) جارّ ومجرور حال من أولياء (اللّه) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (من) حرف جرّ زائد (أولياء) مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ مؤخّر (ثمّ) حرف عطف (لا) نافية (تنصرون) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع.. والواو نائب الفاعل.
وجملة: {لا تركنوا...} لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تطغوا.
وجملة: {ظلموا...} لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: {تمسّكم النار} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: {ما لكم.. من أولياء} في محلّ نصب حال من ضمير الخطاب في (تمسّكم).
وجملة: {لا تنصرون} في محلّ نصب معطوفة على جملة ما لكم.. من أولياء.

.الصرف:

{استقم}، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء على السكون، أصله أستقيم، بسكون الياء والميم، حذفت الياء لالتقاء الساكنين، وزنه استفل.
{تطغوا}، فيه إعلال بالحذف، أصله تطغاوا، لمّا التقى ساكنان حذفت الألف وبقي ما قبلها مفتوحا دلالة عليها، وزنه تفعوا، بفتح العين.. والألف في الفعل منقلبة عن ياء لأن مصدره الطغيان.

.البلاغة:

1- الإيجاز: في قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ} ذلك لأن الاستقامة هي الاستمرار في جهة واحدة وأن لا يعدل يمينا أو شمالا، وبالجملة فهذا الأمر منتظم لجميع محاسن الأحكام الأصلية والفرعية والكمالات النظرية والعملية، والخروج من عهدته في غاية ما يكون من الصعوبة، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شيبتني سوره هود.
2- ائتلاف اللفظ مع المعنى: في قوله تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}.
إذ لما كان الركون إلى الذين ظلموا دون فعل الظالمين، وجب أن يكون العقاب عليه دون عقاب الظالمين، ومسّ النار في الحقيقة دون الإحراق، ولما كان الإحراق عقابا للظالم، أوجب العدل أن يكون المسّ عقاب الراكن إلى الظالم.
ولم يقل الظالمين، وعدل عن ذلك إلى قوله: {الَّذِينَ ظَلَمُوا}، لما يحتمل الأول من استمرار الظلم الذي لا يلائم المساس، ولا تحصل به المبالغة التي تحصل من لفظ الثاني من وقوع الظلم على سبيل الندور ليلائم المعنى.

.[سورة هود: الآيات 114- 115]

{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)}

.الإعراب:

(الواو) عاطفة (أقم) فعل أمر، والفاعل أنت (الصلاة) مفعول به منصوب (طرفي) ظرف زمان منصوب متعلّق بأقم، وعلامة النصب الياء (الليل) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (زلفا) معطوف على طرفي منصوب (من الليل) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لـ (زلفا)، (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الحسنات) اسم إنّ منصوب وعلامة النصب الكسرة (يذهبن) مضارع مبنيّ على السكون في محلّ رفع.. و(النون) ضمير في محلّ رفع فاعل (السيّئات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (ذلك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ، والإشارة إلى طلب الاستقامة.. و(اللام) للبعد، (والكاف) للخطاب (ذكرى) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (للذاكرين) جارّ ومجرور متعلّق بذكرى، وعلامة الجرّ الياء.
جملة: {أقم الصلاة} لا محلّ لها معطوفة على الجملة الطلبيّة في الآية السابقة.
وجملة: {إنّ الحسنات يذهبن...} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {يذهبن...} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {ذلك ذكرى...} لا محلّ لها استئنافيّة.
(الواو) عاطفة (اصبر) مثل أقم (الفاء) تعليليّة (إنّ اللّه لا يضيع) مثل {إنّ الحسنات يذهبن} و(لا) نافية (أجر) مفعول به منصوب (المحسنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
وجملة: {اصبر} لا محلّ لها معطوفة على جملة أقم.
وجملة: {إنّ اللّه لا يضيع...} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {لا يضيع...} في محلّ رفع خبر إنّ.

.الصرف:

{طرفي}، اسم استعمل ظرفا لأنه أضيف إلى الظرف..
وانظر الآية (127) من سورة آل عمران.
{زلفا}، جمع زلفة، وهي الطائفة من الليل، وزنه فعلة بضمّ الفاء وسكون العين، ووزن زلف فعل بضمّ ففتح، وقد يجمع زلفة على زلفات بضمّتين.
{الذاكرين}، جمع الذاكر، اسم فاعل من ذكر الثلاثيّ وزنه فاعل.

.الفوائد:

شروط التوبة:
دلت هذه الآية الكريمة على التوبة، وأن فعل الحسنات يكون سببا لانمحاق الذنوب والسيئات. وورد حديث صحيح عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم بمعنى هذه الآية وهو: «وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» لكن الأمر يحتاج إلى توبة نصوح ولها شروط:
1- الإقلاع عن الذنب بالكلية.
2- الندم على فعله.
3- العزم التام ألا يعود إليه في المستقبل. فإذا حصلت هذه الشرائط صحت التوبة، وكانت مقبولة، إن شاء اللّه تعالى. وأضاف العلماء أنه ينبغي للتائب أن يرد الحقوق إلى أهلها، وأن يقضي ما فاته من حقوق اللّه كصلاة وصيام، فإن عاجلته المنية قبل أن يتمكن من الوفاء كلا أو بعضا، فإن اللّه عز وجل يغفر له.

.[سورة هود: آية 116]

{فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (116)}

.الإعراب:

(الفاء) استئنافيّة (لولا) حرف تحضيض فيه معنى النفي (كان) ماض تام (من القرون) جارّ ومجرور متعلّق بـ (كان)، (من قبل) جار ومجرور متعلّق بنعت للقرون، و(كم) ضمير مضاف إليه (أو لو) فاعل مرفوع لفعل كان، وعلامة الرفع الواو فهو ملحق بجمع المذكّر (بقية) مضاف إليه مجرور (ينهون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (عن الفساد) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ينهون)، (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق بالفساد، (إلّا) حرف للاستثناء (قليلا) مستثنى منصوب والاستثناء متّصل أو منقطع (من) حرف جرّ (من) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق بنعت لـ (قليلا)، (أنجينا) فعل ماض وفاعله (من) كالأول و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من المفعول المحذوف أي أنجيناه منهم (الواو) عاطفة (اتّبع) فعل ماض (الذين) اسم موصول في محلّ رفع فاعل (ظلموا) فعل ماض وفاعله (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (أترفوا) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على الضمّ.. والواو نائب الفاعل (فيه) مثل منهم متعلّق بـ (أترفوا)، (الواو) عاطفة (كانوا) فعل ماض ناقص- ناسخ- والواو اسم كان (مجرمين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: {لولا كان من القرون...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {ينهون...} في محلّ رفع نعت لـ (أولو).
وجملة: {أنجينا...} لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: {اتّبع الذين...} لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي فما نهوا عن الفساد واتّبع الذين...
وجملة: {ظلموا...} لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: {أترفوا فيه} لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: {كانوا مجرمين} لا محلّ لها معطوفة على جملة اتّبع الذين.

.الصرف:

{بقيّة}، فيها وجهان: صفة على فعيلة للمبالغة بمعنى فاعلة ولذلك دخلت عليها التاء، والمراد بها جيّد الشيء وخياره.. أو مصدر بمعنى البقوى كالتقيّة بمعنى التقوى أي ذوو بقاء.. وانظر الآية (86) من هذه السورة.